مجلة روائع

المشرف العام و رئيس التحرير : سعد بن جمهور السهيمي




جديد الملفات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

الأخبار
اخبار محلية وعربية ودولية
رمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ اجْتَمَعَتْ فِيهِ أَنْوَاعُ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ الَّتِي لَا تَكَادُ تَجْتَمِعُ جَمِيعًا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَوْقَاتِ؛
09-08-1444 02:31

رمَضَانُ شَهْرٌ مُبَارَكٌ اجْتَمَعَتْ فِيهِ أَنْوَاعُ الْعِبَادَاتِ وَالطَّاعَاتِ الَّتِي لَا تَكَادُ تَجْتَمِعُ جَمِيعًا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَوْقَاتِ؛ صِيَامٌ، وَقِيَامٌ، وَاعْتِكَافٌ، وَزَكَاةٌ وَصَدَقَةُ فِطْرٍ، وَتِلَاوَةُ قُرْآنٍ، وَعُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً))، كَمَا فِي ((صَحِيحَيِ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ)).

((وَالصَّوْمُ يَهْدُفُ فِي أُسُسِهِ السَّلِيمَةِ الصَّحِيحَةِ، وَفِي قَوَاعِدِهِ الصَّافِيَةِ الْمَتِينَةِ، إِلَى حِرْمَانِ النَّفْسِ مِنَ الْمَادَّةِ حِرْمَانًا تَجْرِيبِيًّا عَمَلِيًّا؛ يَسْتَطِيعُ فِيهِ الْغَنِيُّ أَنْ يَعِيشَ مَعَ الْفَقِيرِ فَتَرَاتٍ مُتَوَالِيَةً مِنَ الزَّمَنِ, فَيَعْرِفُ لَا بِاللَّفْظِ وَالْوَصْفِ وَإِنَّمَا بِالْعَمَلِ وَالْمُجَاهَدَةِ وَالرِّيَاضَةِ أَلَمَ الْحِرْمَانِ وَمَا يَعِيشُ فِيهِ الْفَقِيرُ وَالْمِسْكِينُ وَالْمَحْرُومُ.

وَالصِّيَامُ فِي رَمَضَانَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ يُحَبِّبُ إِلَى النَّفْسِ طَرِيقَ الْإِحْسَانِ؛ كُلَّمَا تَقَدَّمَ بِهِ الزَّمَانُ وَاتُّخِذَتِ الْمُجَالَدَةُ وَالتَّرْوِيضُ وَالْمِرَانُ الْعَمَلِيُّ سَبِيلًا فِي نَفْسِ الْإِنْسَانِ, وَلَمَسَ لَمْسًا صَحِيحًا صَائِبًا عَلَى مَرِّ الْأَيَّامِ حَتَّى يَجِدَ مَا فَقَدَهُ مِنْ لَذَّةٍ وَمَا نَقَصَ مِنَ اسْتِمْتَاعٍ تَعْلُو بِهِ نَفْسُهُ, فَيُقْبِلُ عَلَى مُشَارَكَةِ الْمَحْرُومِينَ فِي طَعَامِهِ وَشَرَابِهِ.

وَالنَّفْسُ -وَصِيَامُهَا- الَّتِي تَعَوَّدَتِ الْبِرَّ وَالْإِحْسَانَ عَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ الْعَمَلِيَّةِ التَّدْرِيبِيَّةِ لَمْ يَتْرُكْهَا الدِّينُ حُرَّةً فِي أَدَاءِ وَتَصْرِيفِ طَاقَةِ الْإِحْسَانِ, فَقَدْ فَرَضَ عَلَيْهَا فَرْضًا لَازِمًا وَاجِبَ الْأَدَاءِ؛ أَنْ تُخْرِجَ مِنْ مَالِهَا مِقْدَارًا مُعَيَّنًا لِلْمَسَاكِينِ وَالْمَحْرُومِينَ وَالْفُقَرَاءِ؛ كَيْلَا يَكُونَ التَّدْرِيبُ اخْتِيَارِيًّا, وَإِنَّمَا يُصْبِحُ ضَرُورَةً وَاجِبَةً.

وَفِي ذَلِكَ حِكْمَةٌ سَامِيَةٌ؛ لِأَنَّ الصِّيَامَ سَيَنْتَهِي بِالْجَزَاءِ الْحَسَنِ وَالْفَرْحَةِ الْعَامَّةِ, فَكَيْفَ يَسْتَطِيعُ الدِّينُ أَنْ يَتْرُكَ الْفَقِيرَ مَحْرُومًا مُعْدَمًا وَالْفَرْحَةُ قَدْ أَقْبَلَتْ مُتَوَثِّبَةً وَمِيعَادُهَا قَدْ قَرُبَ؟!! فَلَا تَكُونُ لِلْغَنِيِّ دُونَ الْفَقِيرِ؛ بَلْ يَجِبُ أَنْ تَعُمَّ النَّاسَ جَمِيعًا؛ فَكَانَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ.

فَفِي زَكَاةِ الْفِطْرِ مُشَارَكَةٌ وِجْدَانِيَّةٌ لِإِحْسَاسٍ عَامٍّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ سَيَتَقَبَّلُونَ مَوْعِدًا وَلِقَاءً تَهْتِفُ بِهِ النَّفْسُ, فِي هَذَا اللِّقَاءِ يَجِبُ أَنْ نَنْسَى الْحِرْمَانَ وَأَعْبَاءَ الدَّهْرِ وَتَكَالِيفَ الْمَشَقَّةِ وَالشَّظَفِ, وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إِلَّا بِالتَّخْفِيفِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ, فَجَاءَتْ زَكَاةُ الْفِطْرِ حِكْمَةً مَادِّيَّةً تَتَحَوَّلُ إِلَى أُفُقٍ رُوحِيٍّ يَشْعُرُ فِيهِ الْجَمِيعُ بِالْوَحْدَةِ وَبِالْفَرْحَةِ الَّتِي تُوَحِّدُ بَيْنَهُمْ جَمِيعًا, لَا حَاقِدَ وَلَا حَاسِدَ, وَلَا كَاظِمَ غَيْظٍ)) .

((وَكَذَلِكَ لِلصَّدَقَةِ فِي رَمَضَانَ مَزِيَّةٌ وَخُصُوصِيَّةٌ؛ فَيُبَادِرُ إِلَيْهَا الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ، وَيَحْرِصُ عَلَى أَدَائِهَا بِحَسَبِ حَالِهِ، وَلِلصَّدَقَةِ فِي رَمَضَانَ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ؛ مِنْهَا: إِطْعَامُ الطَّعَامِ))، وَإِطْعَامُ الطَّعَامِ مِنْ أَبْلَغِ مَا يَأْتِي بِهِ الْعَبْدُ بَلَاغَةً وَبَلَاغًا فِي الْوُصُولِ إِلَى رُضْوَانِ اللهِ.

((كُلُّ ذَلِكَ مِنَ الْإِحْسَانِ الَّذِي يَسْتَجْلِبُ بِهِ الْعَبْدُ رَحْمَةَ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ حَيْثُ يَقُولُ سُبْحَانَهُ: {إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56].

وَيَقُولُ النَّبِيُّ ﷺ: ((إِنَّ هَذَا الْخَيْرَ خَزَائِنُ، وَلِتِلْكَ الْخَزَائِنِ مَفَاتِيحُ، فَطُوبَى لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ مِغْلَاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِعَبْدٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مِفْتَاحًا لَلشَّرِّ مِغْلَاقًا لِلْخَيْرِ)) )).

((رَمَضَانُ شَهْرُ الْبِرِّ وَالْإِطْعَامِ))

إِنَّ شَهْرَ رَمَضَانَ الْمُبَارَكَ مَيْدَانٌ لِلتَّنَافُسِ فِي أَعْمَالِ الْخَيْرِ وَالْبِرِّ؛ حَيْثُ يَتَسَابَقُ فِيهِ الْعِبَادُ بِخَالِصِ الْأَعْمَالِ تَقَرُّبًا إِلَى اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ-، وَلَقَدْ كَانَ هَذَا حَالُ النَّبِيِّ ﷺ فِي رَمَضَانَ)) ؛ فَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي ((صَحِيحَيْهِمَا)) بِسَنَدَيْهِمَا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- قَالَ: ((كَانَ النَّبِيُّ ﷺ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ -وَأَجْوَدَ، بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ مَعًا، وَالضَّمُّ أَشْهَرُ وَأَفْصَحُ- مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ لَيَالِي رَمَضَانَ يُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَلنَّبِيُّ ﷺ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ مَنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ)).

إِنَّ رَمَضَانَ مَجَالٌ وَاسِعٌ لِلْبِرِّ، وَبِخَاصَّةٍ إِطْعَامُ الطَّعَامِ الَّذِي هُوَ مِنْ سِمَاتِ هَذَا الشَّهْرِ الْمُبَارَكِ، وَسِمَةٌ مِنْ سِمَاتِ دِينِنَا الْحَنِيفِ؛ فَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ سَلَامٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: أَوَّلَ مَا قَدِمَ رَسُولُ اللهِ ﷺ الْمَدِينَةَ انْجَفَلَ النَّاسُ إِلَيْهِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ جَاءَهُ، فَلَمَّا تَأَمَّلْتُ وَجْهَهُ وَاسْتَثْبَتُّهُ؛ عَلِمْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ.

قَالَ: وَكَانَ أَوَّلُ مَا سَمِعْتُ مِنْ كَلَامِهِ: «أَيُّهَا النَّاسُ! أَفْشُوا السَّلَامَ، وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ؛ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ». رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.

فَقَدْ رَغَّبَ النَّبِيُّ ﷺ فِي تَفْطِيرِ الصَّائِمِ، وَإِطْعَامِ الطَّعَامِ، وَسَقْيِ المَاءِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: ((مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا)) .

وَفِي «الصَّحِيحَيْنِ» : عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟

قَالَ: «تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ».

وَعَنْ عُمَرَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟

قَالَ: «إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ، أشْبَعْتَهُ مِنْ جُوعٍ، كَسَوْتَهُ مِنْ عُرْيٍ، قَضْيْتَ لَهُ حَاجَةً، أَعَنْتَهُ، فَرَّجْتَ لَهُ كَرْبًا بِإِذْنِ رَبِّهِ» . رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «الْأَوْسَطِ» بِإسْنَادٍ حَسَنٍ.

وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

سَقْيُ المَاءِ؛ حَتَّى وَلَوْ لِلْكِلَابِ؛ حَتَّى وَلَوْ كَانَ لِلْكَلْبِ الضَّالِّ؛ فِيهِ أَجْرٌ عِنْدَ الكَبِيرِ المُتَعَالِ.

يَحْفِرُ الْمُسْلِمُ بِئْرًا، يَجْعَلُ لِلنَّاسِ صُنْبُورًا فِي سَبِيلٍ، يَبْذُلُ المَاءَ لِابْنِ السَّبِيلِ وَالعَطْشَانِ.

وَيَنْبَغِي لِلْإِنْسَانِ أَلَّا يَسْتَصْغِرَ أَوْ يَحْتَقِرَ شَيْئًا مِنَ الْمَعْرُوفِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيَّ عَمَلٍ يَقْبَلُهُ اللهُ؛ فَعَنْ سُلَيْمِ بْنِ جَابِرٍ الْهُجَيْمِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ ﷺ وَهُوَ مُحْتَبٍ فِي بُرْدَةٍ، وَإِنَّ هُدَّابَهَا لَعَلَى قَدَمَيْهِ.

فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَوْصِنِي.

قَالَ: «عَلَيْكَ بِاتِّقَاءِ اللهِ، وَلَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا، وَلَوْ أَنْ تُفْرِغَ لِلْمُسْتَسْقِي مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَائِهِ، أَوْ تُكَلِّمَ أَخَاكَ وَوَجْهُكَ مُنْبَسِطٌ، وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الْإِزَارِ، فَإِنَّهَا مِنَ الْمَخِيلَةِ، وَلَا يُحِبُّهَا اللَّهُ، وَإِنِ امْرُؤٌ عَيَّرَكَ بِشَيْءٍ يَعْلَمُهُ مِنْكَ فَلَا تُعَيِّرْهُ بِشَيْءٍ تَعْلَمُهُ مِنْهُ، دَعْهُ يَكُونُ وَبَالُهُ عَلَيْهِ، وَأَجْرُهُ لَكَ، وَلَا تَسُبَّنَّ شَيْئًا».

قَالَ: فَمَا سَبَبْتُ بَعْدُ دَابَّةً وَلَا إِنْسَانًا. وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ لِغَيْرِهِ.

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 132


خدمات المحتوى



تقييم
0.00/10 (0 صوت)


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.