مجلة روائع

المشرف العام و رئيس التحرير : سعد بن جمهور السهيمي




جديد الملفات

المتواجدون الآن


تغذيات RSS

الأخبار
اخبار محلية وعربية ودولية
حسن الظن بالله الكنز العظيم "سعد بن جمهور السهيمي"
حسن الظن بالله الكنز العظيم
02-03-1446 03:34

الحمد لله الهادي لمن استهداه، الكافي من تولاَّه، أحمده سبحانه حمدًا نبتغي به وجهَه ورِضاه والصلاة والسلام على الحبيب نبينا محمد واله وصحبه وسلم أما بعد : فإن حسن الظن بالله تعالى من صميم التوحيد،وهو من واجبات التوحيد، لأن البعض يظن أن إحسان الظن هو فقط في أن الله غفور رحيم ، وأنه سبحانه سيتجاوز عنا ، ويدخلنا الجنة ، والحقيقة أن إحسان الظن بالله في كل شيء ، وقد عرف أهل العلم إحسان الظن بقولهم ، حسن الظن بالله تعالى؛ هو قوة اليقين بما وعد الله تعالى عباده من سعة كرمه ورحمته، ورجاء حصول ذلك ، كذلك من حسن الظن بالله تعالى أن لا يعترض الداعي على عدم تحقق المطلوب فلعل الخير له في عدم تحقق مطلوبه، ولعله قد أعطي بدعوته ما هو أفضل له من مطلوبه وهو لا يشعر، وفي المقابل، على الداعي إذا تأخرت استجابة دعوته أن يسيء الظن بنفسه؛ فيفتش نفسه لعله دعا بإثم، أو بقلة يقين وإخلاص، أو تلبس بأمر محرم يمنع إجابة الدعاء وعند مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "لَا يَزَالُ يُسْتَجَابُ لِلْعَبْدِ، مَا لَمْ يَدْعُ بِإِثْمٍ أَوْ قَطِيعَةِ رَحِمٍ " صحيح مسلم رقم الحديث (2735)

وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ

كما أن الله تعالى مدح الذين أحسنوا الظن به،وأثابهم، ( قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ). [البقرة: 249] وذم الذين أساءوا الظن به،فقال الله عنهم (يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ)سورة آل عمران ، فحسن الظن من العبادات القلبية التي طالما غفل عنها كثير من المسلمين، قال الله تعالى: في الحديث قدسيأنا عند ظن عبدي بي؛ إن ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله) ولحسن الظن بالله تعالى أصلين عظيمين يدور عليهما وهما:اعتقاد كمال الله تعالى وتنزيهه عن النقائص،والثاني: العلم بقصور الإنسان ونقصه وتقصيره،وهذا المقام يحتاج إلى تفصيل وبيان يضيق عنه الوقت ،لكن ليتفكر الحائر في حوادث التاريخ وقصص الأنبياء وأتباعهم مع أعدائهم، وكيف جرت سنة الله فيهم، فإنها لا تتخلف ولن تجد لها تحويلا ولا تبديلا،وكل ما جرى لأهل الإيمان على أيدي أعدائهم مما يكرهون، فإما كان بمعاصيهم وما كسبت أيديهم، وإما كان امتحانا وتمحيصا ليميز الله الخبيث من الطيب .
مصائب وأزمات
وإن كثيراً من الناس يقعون في مصائب وأزمات؛ فيدعون الله كثيراً، فإذا تأخرت الإجابة استحسروا،وتركوا الدعاء،وقالوا: لا يريد الله أن يستجيب لنا،ونحو ذلك من الأمورالمسيئة للظن بالله،فأولئك أناس أساؤوا الظن بربهم، ولو أحسنوا الظن بالله لما تركوا الدعاء، ولو أحسنوا الظن بالله ما وقعوا في الاستحسار،ولو أحسنوا الظن بالله ما يأسوا من رحمة الله،فقد يكون من هؤلاء مرضى من أصحاب الأمراض المزمنة يدعون الله بالشفاء، وقد يؤخِّر الله الشفاءعنهم لحكم يعلمها سبحانه وتعالى،فإذا وجدوا ذلك تركوا الدعاء، وقالوا : لا نُشفى؛ أساؤوا الظن بالله، أساؤوا الظن بربهم تبارك وتعالى، ويقول تعالى في الحديث القدسيأنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة) وقال سبحانه وتعالى(لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) سورةالشورى (ومن قنط من رحمة الله، وأيس من روح الله؛ فقد أساء الظن بالله،ومن ظن أن الله يعذب أولياءه وعباده الصالحين وهم محسنون ؛ فقد أساء الظن بالله، والذي يحسن ظنه بربه أنه يقبل توبته، وأنه يعفو عنه، ويجتهد في أسباب العفو من الصدقة، والرحمة للفقراء، وكثرة الاستغفار، والتوبة، والندم، والإقلاع، وكثرة الأعمال الصالحات، مع حسن الظن بالله، يحسن ظنه أن الله يقبلها، وأنه لا يردها فالإنسان ينبغي أن يؤمن بالله, لكن الذي ينبغي أن يفعله أيضاً أن يحسن الظن بالله. فعن جابر رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاثة أيام يقوللا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه)

فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ

وقال الله تعالى حكايةً عن قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقومه ﴿ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات]؛أي: ما ظنُّكم أن يفعل بكم إذا لقِيتموه وقد عبدتم غيرَه؟!ومن تأمَّل هذا الموضع كما قال أهل العلم علِمَ أن حُسن الظن بالله هو نفس حُسن العمل؛ فإن العبدَ إنما يحمِلُه على حُسن العمل ظنُّه بربِّه أنه يُجازيه على أعماله، ويُثيبُه عليها، ويتقبَّلُها منه، فالذي حمَله على حُسن العمل حُسن الظن؛ فكلما حسُن ظنُّه حسُن عملُه، وإلا فحُسن الظنِّ مع اتباعِ الهوى عجزٌ.وبالجُملة؛ فحُسن الظن إنما يكون مع انعقاد أسباب النجاة، وأما مع انعقاد أسباب الهلاك فلا يتأتَّى إحسانُ الظن. وقد ورد حديثا موقوفاً على أبي هريرة بإسناد حسن-، قال فيه أبي هريرة "بينما رجل وامرأة له في السلف الخالي لا يقدران على شيء، فجاء الرجل من سفره، فدخل على امرأته جائعاً قد أصابته سغبة شديدة، فقال لامرأته: أعندك شيء؟ قالت: نعم أبشر،أتاك رزق الله"المرأة ما عندها شيء لكن ظنت بالله ظناً حسناً،وتوكلت على الله توكلاً قوياً،" قالت:أبشر أتاك رزق الله، فاستحثها ، فقال:ويحك ابتغي إن كان عندك شيء،قالت: نعم هنيةً" اصبر،اصبر"ترجو رحمة الله" ترجو رجاء قوياً، امتلأ قلبها باليقين أن يأتيها رزق من الله "حتى إذا طال عليه الطوى والجوع،قال: ويحك، قومي فابتغي إن كان عندك خبز فأتيني به؛فإني قد بلغت وجهدت،فقالت:نعم الآن ينضج التنور"انتظر لا تعجل على الفرن، "الآن ينضج التنور؛فلا تعجل، فلما أن سكت عنها ساعة ،وتحينت أيضاً أن يقول لها"يرجع ويطلب مرة أخرى،لما ظنت أنه سيقول الآن لها مرة أخرى،"قالت هي من عند نفسها: لو قمت فنظرت إلى تنوري" وتنورها ليس فيه إلا الحجارة،"فقامت فوجدت تنورها ملآن جُنُوب الغنم، ورحييها تطحنان "الرحيان تطحنان، والتنور ملآن جنوب الغنم،"فقامت إلى الرحى فنفضتها ،وأخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم" قال أبو هريرة:"فوالذي نفس أبي القاسم بيده عن قول محمد صلى الله عليه وسلملو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها لطحنتها إلى يوم القيامة)"تبقى تطحن إلى يوم القيامة فما اجوجنا الى حسن الظن بربنا في كل شيء فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة» رواه الترمذي.فإذا دعوت الله فعظم الرغبة فيما عنده، وأحسن الظن به.
ويقول الشاعر :
وإني لأدعو الله حتى كأنني أرى بجميل الظن ما الله صانعُه

اسأل ان يجعلنا واياكم ممن يحسنون الظن بالله والسير لما يحبه الله ويرضاه انه جواد كريم

تعليقات 0 | إهداء 0 | زيارات 263


خدمات المحتوى



تقييم
3.58/10 (9 صوت)


Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.