الرئيسية
قالوا عنا
حول الموقع
سجل الزوار
القائمة البريدية
راسلنا
خريطة الموقع
جديد الملفات
المتواجدون الآن
تغذيات RSS
07-08-1446 05:15
عنترة العبسي، الرجل الأسود، أراه رجلًا شهمًا ونبيلًا، بالإضافة إلى كونه رجل شغموم حتى الآن. أبو الفوارس الذي كان يعيره قومه بنو عبس بلونه الذي اكتسبه من المسك.
رغم أنهم بدونه لا يُذكرون، حتى إنه كان يقول:
أَنا الحِصنُ المَشيدُ لِآلِ عَبسٍ
إِذا ما شادَتِ الأَبطالُ حِصنا
شَبيهُ اللَيلِ لَوني غَيرَ أَنّي
بِفِعلي مِن بَياضِ الصُبحِ أَسنى
بلغ ولد عمرو بن شداد من الكرامة والمروءة والحياء ما لم يبلغه جيش جرار من المتسكعين في العصر الحالي، الذين لا هم لهم سوى الفساد والإفساد لبنات المسلمين، وخلال دقائق عبر “الإيردروب” أو “السناب” أو غيرها.
أكثر ما يُتعب الأب في هذا الزمن مع بناته هو التربية الصالحة، ناهيك عن المصاريف على ورق العنب والفطائر والتشيز كيك منذ أن رأت ابنته النور بعينيها، اللتين إذا تبسمتا أورقت الكروم ورقصت الأضواء كالأقمار في نهر . خصوصًا عند التسوق أو احتساء شيء من “اللاتيه” في المقاهي وحتى ليلة الزفاف إذا جاءها سعيد الحظ.
قد يأتي شاب ويفسد تربيتها في غضون دقائق، رغم هذا الجهد في التربية والإعداد. الأمر الذي كلف والديها عناء الوقت، وجهد الدراسة، وإنشاء البنية التربوية، وتعديل السلوك. وقد تكون الفتاة معجبة هي أيضًا بسيد الشباب الذي تعرفت عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو أماكن اللهو، وبادلته عبارات الحب والغرام. سحرته باللباس والنظرات أو بالمقاطع التي تنشرها في حسابها. ومع سهولة التواصل اليوم، أصبح الأمر أكثر خطرًا.
فهي تمتلك قدرات هائلة، إضافة إلى سحرها الممزوج برائحة الزهور، فهي قادرة على تحويل 800 ريال من راتب أبيها إلى فستان خلال لفتين في المول، خاصة في فصل الصيف.
نعود إلى أبي الفوارس عنترة، الذي كان لديه من العزة والعفة والمروءة والغيرة على بنات الناس ما لا يعلمه إلا الله. تمنيت لو أن عنترة أسلم، خاصة أن المسافة بين مكة او المدينة وعيون الجواء وحائل - حيث كان يقيم ويتجول - قصيرة. فقد كان عنترة في الخامسة والسبعين من العمر، بينما كان المصطفى صلى الله عليه وسلم في الثلاثين.
كما أن حبه لعبلة كان عذريًا (على وضح النقا). رغم أنه دق الباب أكثر من مرة وطلب يد المحروسة عبلة التي شغفها حبًا، إلا أن والدها مالك رفض تمامًا لأسباب تعرفونها.
وقد سمعت من بعض أصدقائي أن هذا اللون متعب كثيرًا، رغم أن لي أصدقاء سود البشرة ودمهم “عسل”. وخصوصًا الكاتب السوداني الساخر جعفر عباس، الذي كان بدوره “عنترة” في كتاباته الساخرة والذي حينما سيم خطة ضيمٍ حال وجوده في الخليج قال:لا بملء فيه.
أبو الفوارس ما أجمل الجلوس معه والسوالف، ودق الحنك ،والاستماع إلى أبياته الجميلة، التي أصبحت حِكمًا رغم السنين. كل هذه الأبيات والمعلقات، وهو لا يملك أصلًا بيتًا مسلحًا، ولا فيلا تُقسط على مدى 25 عامًا. أبو سمرة كان محظوظًا، فلم يكتوِ بنيران القروض البنكية، وليس عليه مخالفات “ساهر”.
من أبياته:
لَئِن أَكُ أَسوَداً فَالمِسكُ لَوني
وَما لِسَوادِ جِلدي مِن دَواءِ
وَلَكِن تَبعُدُ الفَحشاءُ عَنّي
كَبُعدِ الأَرضِ عَن جَوِّ السَماءِ
ليست حميته ومروءته مقتصرة على بنات عبس فقط، بل امتدت لاستعادة بنات عبس وإبلهم بعدما سلبهم إياها آخرون، رغم أن قومه كانوا يسلقونه بألسنة حداد.
ليس ولد شداد وحده من يمتلك هذا الاحترام لبنات الناس، بل هناك أيضًا جميل بثينة، الذي أسأل الله أن يرحمه رحمة واسعة. فقد كان شعره في بثينة حبًا عذريًا، حتى إنه حضر عند أحد الأئمة وقال: “ما رأيك برجل طاعن في الخمسين، لم يسرق، ولم يكذب، ولم يظلم، ولم يشرب الخمر، ولم يزنِ، ولم يصب دمًا حرامًا؟” فقال الإمام: “هو ناجٍ بإذن الله”. فقال جميل: “ذلك والله أنا”.
تعجب الإمام من ذلك وسأله : وأشعارك في بثينة! ؟فقال جميل: “والله كل أبياتي فيها حب عذري، ولم أبلغ منها مبلغًا يسوء لي أو لها”.
إن الغيرة لها وجوه عدة، ومنها أن تغار أيها الشاب على بنات الناس، فلا تفسد ما أصلحه آباؤهن على مدار السنين، وما بذلوا في تربيتهن من جهد ووقت ونسأل اللع للجميع الصلاح والتقوى .
خدمات المحتوى
|
تقييم
|
|
Powered by Dimofinf cms Version 3.0.0
Copyright© Dimensions Of Information Inc.